“تخيل أن لا تكون قادرا على قول: “أنا جائع”، “أنا أتألم”، “شكرا”، أو “أحبك”

“تخيل أن لا تكون قادرا على قول: “أنا جائع”، “أنا أتألم”، “شكرا”، أو “أحبك”. أن تكون عالقا في داخل جسدك، في جسد لا يستجيب للأوامر. محاط بالناس، لكنك وحيد تماما.. تتمنى لو تستطيع أن تتواصل، أن تتصل، أن تواسي، أن تشارك، أن تتحدث، ولا تستطيع. كل هذا لقرابة الـ 13 عاما. حسنا، كان هذا هو واقعي الذي عشته”
واحدة من أكثر المحاضـرات المؤثرة التي أُلقيت على مسرح “تيد” في عام 2015. المتحدث في المحاضـرة هو مارتن بيستوريس الذي بدا في بداية المحاضـرة شابا وسيما أنيقا يجلس على كرسي متحرّك، لكنه وبمرور الوقت ومع حديثه عن المعضلات التي واجهها في حياته، تتحول النظرة إليه كليـا من مجرد متحدث عادي إلى ما يشبه الأسطورة.
حتى عمر الثانية عشرة، كان مارتن طبيعيا تماما وكان فتى يثير إعجاب كل من يراه بذكائه وفطنته. في ذلك العمـر أصيب مارتن بعدوى في الدماغ أدت إلى فقدانه التام للقدرة على الحركة والكلام، انتهى به إلى الفشل الكامل في كافة اختبارات الوعي العقلي، وأصبح عمر عقله يقدر بطفل رضيع عمره 3 أشهر. تزامن هذا مع حدوث شلل كامل لجسده، الأمر الذي جعل أسرته تتكبد معاناة عظيمة في تجهيز غرفة خاصة له لمراعاته. ثم حدثت المعجزة لاحقا.
بمرور الوقت، بدأ عقل مارتن في الإفاقة وبدأ يعيد تجديد نفسه والعودة إلى الوعي بشكل كبير. وقتئذ، ومع عودة عقله للحياة، كانت في انتظـاره معاناة أكبر: إنه يعي ما يحدث حوله بشكل كبير، لكنه لا يستطيع التعبير عما يشعر به. ما زال أهله يعتقدون أنه في حالته الأولى المرضية، لكنه على قدر من الوعي ويريد أن يتواصل معهم دون جدوى. كان الأمر أشبه بسجن داخل جسده المتهالك، الأمر الذي جعله يقرر أن يبدأ صراعا ملحميا لتحسين نفسه بالتدريج، وهو الأمر الذي قاده إلى النجاح الذي حققه في حياته لاحقا، والذي أهّله ليعتلي مسرح “تيد” ليُلقي هذه المحاضرة المؤثرة.